04 - 07 - 2025

تعا اشرب شاي| لماذا؟

تعا اشرب شاي| لماذا؟

حين أتأمل أقدار الله، أجد نفسى عاجزة عن إجابة جميع أدوات اﻻستفهام، إﻻ الأداة "لماذا" . 

فلا يستطيع عقلى أن يستوعب "كيف" خلق الله الكون؟ وﻻ كيف نفخ فينا الروح؟ وﻻ كيف رفع السماوات بغير عمد؟ 

ﻻ أقدر مهما حاولت أن أحصى، "كم" هى مخلوقات الله؟ وﻻ كم عدد نعمه؟ وﻻ كم عام مضى على خلق الكون؟ و ﻻ كم عام سوف يمضى حتى يرث الله الأرض ومن عليها؟

ﻻ أعلم "متى" سأكون مريضة؟ وﻻ متى سأحقق أحلامى؟ وﻻ متى سأقف أمام وجهه الكريم؟ 

يستحيل كذلك أن أعرف "أين" تذهب الروح؟ وﻻ أين توجد الجنة؟ وﻻ أين هم الآن من رحلوا وتركونا؟

لكن إيمانى بالله وقراءاتى المتواضعة فى بعض المسائل الدينية والعلمية وإيمانى بأسماء الله الحسنى : الرحمن .. الرحيم .. الملك ... القدوس .. السلام ... المؤمن ..المهيمن... العزيز.... الجبار .. المتكبر... الخالق.. البارئ... المصور..... الغفار ... القهار.. الوهاب .. الرزاق ...... الخ .

كل ذلك ساعدنى إلى حد كبير ان أدرك "لماذا" خلقنا الله؟ ولماذا أرسل رسله؟ ولماذا يبتلى بعضا من خلقه دون الآخر؟ ولماذا حرم الخمر ولحم الخنزير؟ ولم أوجب الصلاة والصوم؟

وأجد العكس تماما حين أتأمل إنجازات البشر فيمكننى أن أعرف بسهولة شديدة إجابات على معظم أدوات اﻹستفهام ماعدا أداة اﻹستفهام "لماذا" .

من الممكن جدا أن أعرف "أين" يوجد أخى و"كيف" حال أصدقائى؟ وكيف إخترع أديسون المصباح الكهربائى؟ وكيف توصل نيوتن ﻹدراك الجاذبية الأرضية؟

أستطيع كذلك أن أعرف "كم" سنة مضت على زواج أختى؟ وكم من الوقت يلزم للحصول على شهادة البكالوريوس؟

بنظرة واحدة إلى هاتفى المحمول، أستطيع أن أعلم متى سيؤذن لصلاة الفجر؟ ومتى سألتقى بأصحابى؟ ومتى سيذهب زوجى إلى عمله؟

ولكنى أقف عاجزة عن إدراك إجابة السؤال بأداة اﻻستفهام "لماذا" .

فالنوايا محلها القلب، والله وحده هو الأعلم بخبايا قلوب البشر، وهو وحده الذى سوى الأنفس وهو من ألهمها فجورها وتقواها وهو وحده الأعلم بما تحمله، لذا ﻻ أستطيع أن أفسر "لماذا" كل هذا الشر؟ لماذا كل هذا الفساد؟ لماذا كل هذا التدليس؟ لماذا كل هذا الكذب؟ لماذا كل هذا الطمع؟ لماذا كل هذا الدم رغم علمنا جميعا أننا، شئنا أم أبينا، راحلون وسنقف جميعا أمام الله ليحاسبنا حسابا عسيرا عن كل ما نقول وكل ما نفعل.

لقد أخبرنا الله فى كتابه الكريم عن إندهاش ملائكته حين علموا بنيته سبحانه وتعالى فى خلق البشر، فقالوا : أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك! 

فأجابهم سبحانه و تعالى قائلا : إنى أعلم مالا تعلمون .

فسأنتظر يارب حتى تنبئنى -عبر إحكام قضائك وقدرك - بتأويل ذلك الذى لم أستطع عليه صبرا.

سأنتظر لأعرف لماذا قام المجرمون فى أرضك بسفك كل هذه الدماء البريئة بداية من دم هابيل حتى يومنا هذا؟ 

ولماذا سكت العالم أجمع عليهم، حتى لقد خلدوا إسم القاتل حتى اليوم فإرتضوا على أنفسهم أن يحملوا لقبه "قابيل" رغم معرفتهم بحجم جرمه، فى حين أنفوا أن يحملوا إسم القتيل! بل لقد تدنى الحوار بين الناس حتى أطلقوا إسما أقرب لإسمه حين يقصدون أن يعبروا عن "البلاهة" فصارت "الهبل"!

لماذا كانت القوة ولا تزال تؤثر على توازن كفتى الميزان، رغم أننا -كمسلمين بصفة خاصة، و كبشر يحملون شيئا من المنطق بصفة عامة- يجب أن نثق "أنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد"!

سأنتظر يارب وكلى رجاء وثقة فى رحمتك ألا تهلكنا بما فعل السفهاء منا، وحتى ذلك اليوم ولأنك وهبتنا نعمة تشفى صدورنا، وهى جملة "حسبى الله ونعم الوكيل" عندما يلطخنا كل هذا الدم، و عندما نصطدم ببشر يبررونه أو يتسترون عليه، وعندما نعيش على مثل هذا الكوكب، فحسبنا الله ونعم الوكيل.. حسبنا الله ونعم الوكيل وكفى.
 ---------------------

بقلم: أماني قاسم

مقالات اخرى للكاتب

جاء فى مستوى الطالب الضعيف